نجا محمود حسن من الموت بأعجوبة عندما حاول الوصول إلى بيت أسرته في حي الصحافة بجنوب العاصمة السودانية الخرطوم لجلب بعض المستندات والشهادات المهمة التي تخص أبنائه.
وبعد رحلة استغرقت أكثر من 10 ساعات من إحدى المدن الواقعة على بعد أقل من 300 كيلومتر إلى الشمال من الخرطوم؛ استطاع حسن الوصول إلى منطقة متاخمة للحي لكن غارة جوية عنيفة استهدفت المنطقة أدت إلى مقتل 3 أشخاص أمام أعينه جعلته يقرر الفرار من العاصمة مجددا قبل تحقيق ما أتى من أجله.
ويقول حسن لموقع سكاي نيوز عربية “كنت كلما تقدمت بصعوبة شديدة إلى داخل العاصمة أشاهد تزايدا مخيفا في مشهد الموت والدمار الذي أصبح يحيط بالعاصمة من كل اتجاه”.
ويضيف حسن “هناك توتر شديد في وجوه السكان الذين قابلتهم في الشوارع والذين لا يتخطى عددهم العشرة أشخاص رغم أنني سرت في مساحة جغرافية كانت تأوي في الأوضاع الطبيعية أكثر من 200 ألف شخص”.
ومنذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم قبل نحو 6 أشهر؛ فر أكثر من 80 في المئة من السكان إلى مناطق داخلية وبلدان خارجية مختلفة تاركين ورائهم كل شيء.
ويعيش العدد القليل المتبقي من السكان في وضع إنساني كارثي عالقين وسط الاشتباكات العنيفة المستمرة بين طرفي القتال والتي يروح ضحيتها يوميا عدد من المدنيين؛ حيث وصل عدد القتلى بحسب تقديرات متحفظة إلى نحو 7 آلاف حتى الآن.
ويجد مئات المرضى والجرحى الذين يسقطون يوميا صعوبة كبيرة في الحصول على الخدمات الطبية؛ بعد أت أدى الصراع بالفعل إلى شل القطاع الصحي في السودان حيث خرجت 70% من المستشفيات عن الخدمة تماما.
وبينما يدور جدل كبير في وسائط التواصل الاجتماعي حول إمكانية العودة إلى الخرطوم في الوقت الحالي من عدمها؛ يقول أحد العالقين في أحد الأحياء “يدرك السكان العالقين في مناطق القتال أن الخرطوم تحولت بالكامل إلى مسرح عمليات عسكرية مفتوح ولم تعد صالحة للعيش في الوقت الحالي إطلاقا”.
ويشير إلى أنه وغيره من العالقين يتحينون الفرصة المناسبة لإيجاد طريقة آمنة للفرار، لكنهم يواجهون صعوبة كبيرة في ظل القصف الأرضي والجوي المستمر وانتشار عصابات النهب، وتزايد حملة الاعتقالات التي تقوم بها عناصر تابعة لطرفي القتال.
ومع انتشار القتال، تتزايد حالات العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي؛ والاختفاء القسري؛ والاعتقال التعسفي؛ والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والطفل
وكانت نكويتا سلامي نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان قد رسمت، يوم الخميس، صورة قاتمة عن الأوضاع في السودان؛ وقالت أمام جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف إن الحرب تسببت في أزمة إنسانية خطيرة وغير مسبوقة في السودان حيث أصبحت أزمة النزوح في السودان هي الأكثر تفاقما في العالم؛ مشيرة إلى فرار أكثر من 30 ألف شخص في المتوسط يومياً من القتال.