اعتبر الباحث الأمريكي ومدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في “معهد الشرق الأوسط” تشارلز ليستر، أن التطبيع العربي مع مجرم الحرب بشار الأسد انعكس سلباً على الوضع في سوريا بدلاً من أن تحقيق الاستقرار فيها.
عقد قمة في آب المقبل
وقال ليستر في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، إن السعودية أطلقت جهوداً إقليمية متضافرة لإعادة إشراك وتطبيع نظام أسد داخل الشرق الأوسط، من خلال لقاء زيارة وزير خارجيتها لدمشق في
نيسان/ أبريل الماضي، والذي أعقبها في أيار/ مايو مشاركة بشار الأسد بقمة الجامعة العربية في جدة.
وأشار إلى الدور السابق للإمارات العربية المتحدة في إعادة العلاقات مع نظام الأسد منذ عام 2018، وبروز الأردن أيضاً كمهندس رئيسي لخطة التطبيع مع الأسد.
ولفت الباحث الأمريكي إلى أنه بعد مرور 3 أشهر على الزيارة السعودية لدمشق، تخطّط دول المنطقة لعقد قمة متابعة لمناقشة التقدم والخطوات التالية في منتصف آب/ أغسطس المقبل.
ووفقاً لـ 3 مسؤولين إقليميين، فإنه لا يُعوَّل على القمة المرتقبة، لأن المشاكل تفاقمت في سوريا بشكل ملحوظ منذ نيسان الماضي.
المساعدات والكبتاغون
وأوضح ليستر أنه لا توجد الآن آليّة لتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى شمال غرب سوريا، ولا توجد جهود جادّة لإنشاء واحدة، لافتاً إلى أن كثيرين اعتقدوا أن التطبيع مع الأسد سيؤدّي إلى
تنازلات من قِبله للسماح بدخول المساعدات.
وأشار إلى أنه بدلاً من ذلك، وضع الأسد شروطاً لفتح وصول المساعدات إلى شمال غرب سوريا، وذلك بعد أن استخدمت حليفته روسيا “الفيتو” ضد تمديد آلية الأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر الحدود.
إلى ذلك، قال ليستر إن وعود نظام أسد في أيار/ مايو الماضي للحكومات الإقليمية بأنها ستكبح تجارة الكبتاغون يمكن اعتباره ادعاءً مثيراً للضحك، مشيراً إلى أن الأردن استقبل وزير دفاع الأسد ورئيس
مخابراته في عمّان لمناقشة مكافحة تهريب المخدرات، وفي اليوم التالي أسقط طائرة بدون طيار تحمل مخدرات قادمةً من مناطق أسد.
اللاجئون والاقتصاد
وأما بالنسبة لعودة اللاجئين، فقد كانت الدول الإقليمية تأمل في أن يؤدي التطبيع مع الأسد إلى فتح طريق لعودة اللاجئين إلى بلدهم، إلا أن رفض اللاجئين السوريين العودة مرتبط بحكم النظام.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية، انهار الاقتصاد السوري بشكل سريع، حيث فقدت الليرة السورية 77 بالمئة من قيمتها، بحسب ليستر، الذي أشار إلى أن التطبيع العربي مع نظام أسد واستفادته من إعفاءات
العقوبات الأمريكية والأوروبية في أعقاب زلزال شباط/ فبراير الماضي، لم يسهم بتحسين الوضع الاقتصادي.
وأكد أن الخطأ يكمن في النظام نفسه، الذي ثبت أنه
فاسد بشكل منهجي، وغير كفء، ومدفوع بالجشع بدلاً من الصالح العام، مشيراً إلى أن سوء الإدارة المالية وإعطاء الأولوية لتجارة المخدرات غير المشروعة، أدى إلى قتل الاقتصاد السوري، وربما إلى الأبد.
العنف والإرهاب
كما صعّد النظام من أعمال العنف والقصف بدلاً من التهدئة، إذ قُتل نحو 150 شخصاً في محافظة درعا منذ نيسان الماضي، وزادت وتيرة الهجمات في الشمال الغربي مستهدفة المدنيين.
ووفقاً لليستر، فقد وجّه التطبيع الإقليمي مع نظام الأسد ضربة عميقة للجهود الدولية لمواجهة تنظيم داعش، موضحاً أن شركاء الولايات المتحدة ومنهم السعودية والأردن يعلنون الآن دعمهم لتوسيع حكم الأسد على الصعيد الوطني، بما في ذلك عبر طرد القوات الأجنبية.
والأسوأ من ذلك، بحسب ليستر، أن السعودية لم تتبرع بأي شيء لعمليات مكافحة تنظيم داعش في المؤتمر الوزاري السنوي الأخير، كما أدى التطبيع مع الأسد
إلى تقويض نفوذ ميليشيا قسد لتحديد أو التفاوض على بقائها على المدى الطويل، إضافة إلى تمكين روسيا وإيران، خاصة مع التقارير عن تخطيط لهجوم إيراني واستفزازات روسية يومية للقوات الأمريكية في سوريا.
لا أمل في حل حقيقي
فيما عبّر ليستر عن اعتقاده بأن التطبيع العربي مع الأسد قد قضى على أي أمل للتوصل إلى حل حقيقي في سوريا.
وكشف نقلاً عن مسؤولين أمميين كبار أن بشار أسد
نفسه أبلغ قادة الأمم المتحدة في الأسابيع الأخيرة أنه لا ينوي إعادة التعامل مع اللجنة الدستورية، أو الدخول في أي عملية تفاوض سواء كانت منسّقة من قبل الأمم المتحدة أو دول المنطقة.
ولفت ليستر إلى أنه تم تجاهل التحذيرات بأن التطبيع مع الأسد سيأتي بنتائج عكسية، معتبراً أن لقاء الدول الإقليمية في القمة المخطط لها الشهر المقبل وسط مثل هذه التطورات المأساوية، سيكون بمثابة حماقة.
وختم قائلاً: “تدخل سوريا الآن فترة مظلمة للغاية من عدم اليقين، مع انهيار الاقتصاد، وارتفاع مستويات العنف، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، والبيئة الدبلوماسية المسمومة، وكالعادة، سيكون السوريون هم من يتحملون التكاليف.