يحبس المصريون أنفاسهم انتظارا لسيناريوهات قادمة مرتبطة بمصير العملة الوطنية أمام الدولار، ومع حالة الضبابية التي تفرض نفسها على الأسواق بشأن إمكانية تحريك محتمل أو تعويم جديد لسعر صرف
الجنيه تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية الراهنة.. ما أبرز السيناريوهات المتوقعة؟
بينما استقر سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأميركي رسمياً في البنوك منذ آخر تحريك، إلا أن السعر شهد تغيرات متواصلة بالسوق الموازية. وبحسب ما تُظهره تطبيقات للمتعاملين بالسوق السوداء عبر منصات التواصل الاجتماعي، يدور سعر شراء الدولار في حدود من 39.25 إلى 39.50 جنيه، بينما يصل سعر البيع من 39.70 إلى 39.90 جنيه (وفق البيانات المحدثة صباح الثلاثاء).
جاء ذلك التحوّل من مستويات ما بين من 37.73 إلى 38.12 مطلع الشهر، مدفوعاً بأنباء التخفيض المحتمل للجنيه، وبعد قرار البنك المركزي الأخير برفع أسعار الفائدة في الاجتماع الأخيرة للجنة السياسة النقدية، بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25 بالمئة، 20.25 بالمئة و19.75 بالمئة، على الترتيب، بعكس توقعات سابقة بتثبيتها.
وتحاول الحكومة المصرية السيطرة على أسعار الصرف بشكل مرن، للحيلولة دون الاضطرار إلى خفض جديد لقيمة العملة، لاسيما في ظل تبعات ذلك على مستويات المعيشة. ويُسجل السعر الرسمي للدولار مستويات دون الـ 31 جنيهاً حالياً.
لكنّ المحلل الاقتصادي ألينا سليوسارشوك، يقول في مذكرة عن مورغان ستانلي، إن الحكومة المصرية تفضل جمع كمية أكبر من العملات الأجنبية قبل السماح للجنيه بالتعويم، لاحتواء التأثير المحتمل على تكلفة المعيشة والحسابات المالية.
فيما يستبعد غولدمان ساكس، الانتقال إلى سعر صرف أكثر مرونة في مصر قريباً، مع نقص الموارد الدولارية، ووسط المخاوف المرتبطة بتأثير “التعويم” على ارتفاع الأسعار وتفاقم معدلات التضخم. ويرى أن مصر بحاجة إلى 5 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي لكي تستطيع التعويم.
ما قبل “التعويم”.. إجراءات ضرورية
من جانبه، يقول رئيس قطاع البحوث بشركة برايم، عمرو الألفي، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنه قبل خفض قيمة العملة يستلزم أن تكون هناك سيولة دولارية كبيرة يستطيع من خلالها البنك المركزي السيطرة على السوق ومنع المضاربات والمراهنات ضد الجنيه. وتبعاً لذلك فهو يقلل من أثر التعويم إن حدث دون توافر تلك السيولة.
ويشير إلى المحفزات الحالية وإجراءات توفير السيولة الدولارية للدخول إلى الجهاز المصرفي، من بينها الشهادات الدولارية التي تم الإعلان عنها أخيراً، وكذلك مقابل تسوية الموقف التجنيدي للمصريين في الخارج، ووثيقة المعاشات التأمينية بالدولار، جنباً إلى جنب وبرنامج الطروحات الحكومية”، موضحاً أن “الصفقة القادمة (فيما يخص الطروحات الحكومية) لن تتم قبل شهر أكتوبر المقبل” في ضوء المعطيات الحالية.
ويضيف: “أما الآن فلم ترتفع الحصيلة الدولارية بالصورة الكبيرة التي تُمكن من خفض قيمة العملة بحرية، لأنه حال تم خفض قيمة العملة دون سيولة دولارية مناسبة سوف يرتفع السعر بالسوق الموازية (وتتكرر نفس النتائج السابقة)”.
وتبعاً لذلك، يرى الألفي أن خفض قيمة العملة الوطنية لن يحدث قبل نهاية السنة وفق ما تقدم، انتظاراً لحصيلة دولارية كبيرة في السوق.
نحو حلول مستدامة
لكنه يشدد في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” على أن الحلول المذكورة هي حلول على المدى القصير، بينما التوصل لحل مستدام لأزمة الدولار في مصر يتطلب عديداً من الإجراءات؛ من بينها فتح مجال الاستثمار الأجنبي للوصول إلى السوق المصرية بشكل أكبر، والتوسع في برنامج الطروحات الحكومية، ليس فقط لجهة حجم وعدد الشركات وإنما فيما يتعلق بسرعة تنفيذ الطروحات أيضاً”.
ويشير هنا إلى التحسن في إيرادات قطاع السياحة، وكذلك إيرادات قناة السويس، ضمن الموارد الرئيسية للنقد الأجنبي في مصر.
كما يلفت إلى مورد آخر وهو تحويلات المصريين في الخارج، ويقول إنه يُمكن أن تعود تلك التحويلات إلى الجهاز المصرفي وارتفاع التحويلات من جديد، حال وجود سعر مستقر للعملة وإيجاد حالة من الثقة.