ظل أحمد حسين منذ فراره قبل نحو ثلاثة أشهر مع أسرته من العاصمة السودانية الخرطوم واستقراره في ضواحي العاصمة الأوغندية كمبالا يعتمد على مدخراته التي يحول منها عبر التطبيقات المصرفية لتجار محليين مقابل العملة الأوغندية؛ لكن الانهيار الكبير الذي حدث في قيمة صرف الجنيه السوداني خلال الأسبوع الماضي عقد كثيرا من حياة حسين وآلاف السودانيين الذين لجأوا إلى دول الجوار
وخسر الجنيه السوداني نحو 50 في المئة من قيمته منذ بدء الحرب فبعد أن كان الدولار الواحد يساوي نحو 580 جنيها في منتصف أبريل ارتفع إلى أكثر من 900 جنيه يوم الأحد وسط هلع كبير من تفاقم التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الحرب التي أحدثت دمارا كبيرا في البنية التحتية وفي القطاعات المصرفية والصناعية وغيرها من القطاعات الحيوية في البلاد وسط تقارير تشير إلى خسائر بعشرات المليارات من الدولارات.
وفي الواقع؛ ينعكس التدهور المتسارع في قيمة الجنيه على الأسر التي تعتمد على تحويل مدخراتها لتغطية مصروفات الإعاشة والدراسة لأبنائها في الدول المجاورة وخصوصا أوغندا وكينيا ومصر.
ويقول حسين لموقع سكاي نيوز عربية “عند وصولي لأوغندا في يونيو كنت أحتاج لتحويل نحو 400 ألف جنيه شهريا لتغطية تكاليف السكن والمعيشة والمصروفات الدراسية لأبنائي الثلاثة، حيث كان الدولار حينها يبلغ 600 جنيها تقريبا؛ لكن اليوم تغير الوضع تماما فأصبحت أحتاج إلى أكثر من 700 ألفا لتغطية نفس المصروفات”.
ويبدي حسين مخاوفه من أن يؤدي الوضع الحالي إلى نفاد مدخرات الكثير من السودانيين خصوصا في ظل استمرار الحرب على هذه الوتيرة المتصاعدة وتضاؤل الأمل في العودة إلى الديار”.
وتقدر الأمم المتحدة عدد السودانيين الفارين إلى دول الجوار بنحو 1.2 مليونا؛ اضطر معظمهم إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس والجامعات في البلدان التي فروا إليها.
ويعتبر مراقبون أن الانخفاض الكبير الحالي في سعر الدولار هو أحد التداعيات الاقتصادية الخطيرة للحرب التي عطلت أكثر من 90 في المئة من المنشآت الإنتاجية والصناعية في الخرطوم التي كانت تشكل مركز الثقل الاقتصادي للبلاد قبل الحرب.
ويتسبب تراجع الجنيه أيضا في أزمات كبيرة للنازحين في الداخل والذين فقد أكثر من 70 في المئة منهم مصدر دخله الأساسي في بلد يعتمد نحو 40 في المئة من سكانها على الأعمال اليومية التي تأثرت سلبا بالحرب.
كما لاتزال الحكومة تواجه صعوبات كبيرة في صرف أجور العاملين في الدولة مما خلق أوضاعا معيشية خانقة.
وبسبب الظروف الأمنية الصعبة التي تعيشها الخرطوم، أعلن البنك المركزي السوداني قبل نحو ثلاث أشهر عن نقل أنشطته إلى مدينة بورتسودان في شرق البلاد؛ لكن مراقبين شككوا في جدوى الخطوة بسبب مشاكل تقنية وعملياتية عديدة نجمت عن الأضرار التي لحقت بالقطاع المصرفي بشكل عام والبنك المركزي على وجه الخصوص.
وبرر تاجر عملة الانخفاض المتواصل لقيمة الجنيه خلال الفترة الأخيرة بوجود طلب كبير على الدولار لتغطية مصروفات حكومية ولسداد نفقات طباعة محتملة للعملة في الخارج في ظل عدم قدرة البنك المركزي على الوصول إلى النقد الموجود داخل خزائنه وفي ومطابع صك العملة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى من اندلاع الحرب.
ويشير التاجر الذي فضل حجب اسمه إلى وجود حركة تحويلات كبيرة من حسابات الأفراد والشركات والمؤسسات؛ ويوضح لموقع سكاي نيوز عربية: “مع تطاول أمد الحرب وفقدان الأمل في عودة قريبة يلجأ الكثيرين لتحويل مدخراتهم إلى عملات صعبة وهو ما يفاقم التدهور الحالي في قيمة الجنيه”.